تصف الكاتبة مها يحيى، مديرة مركز مالكوم كير–كارنيجي للشرق الأوسط، في مقدمة التقرير كيف جسدت أحداث غزة منذ هجمات 7 أكتوبر أقسى صور الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي، إذ قُتل الآلاف، نصفهم تقريباً من الأطفال، وتعرض القطاع لدمار واسع أثار موجات غضب واحتجاجات عالمية. ترى يحيى أن الحرب فجّرت انقساماً في الروايات السياسية، وزادت التوترات بين الشمال والجنوب العالميين، وأعادت القضية الفلسطينية إلى الواجهة بوصفها قضية قادرة على تعبئة الشعوب.
بالنسبة لأنصار الفلسطينيين، تمثل غزة قصة احتلال طويل وفقدان أفق سياسي، أما إسرائيل فدفعتها الأحداث لشعور عميق بانهيار الأمان.
توضح روزا بلفور، مديرة "كارنيجي أوروبا"، أن الحرب مزقت الموقف الأوروبي التقليدي المتوازن، إذ انقسمت دول الاتحاد الأوروبي في مواقفها وتصويتها بالأمم المتحدة. بينما اقتربت حكومات كثيرة من وجهة النظر الإسرائيلية، تحركت الرأي العام – خاصة بين الشباب والأقليات المسلمة – باتجاه دعم الفلسطينيين. تدعو بلفور إلى دور أوروبي في منع التصعيد الإقليمي والتحضير لمرحلة إعادة الإعمار ودعم المجتمع المدني، مع الاعتراف بصعوبة التأثير المباشر على الحل السياسي.
ترى جودي ديمبسي أن الاتحاد الأوروبي فشل في استثمار قوته الناعمة للتأثير على السلطة الفلسطينية، وسمح بتوسع المستوطنات الإسرائيلية بلا رد فعّال. وتوضح أن الانقسام الحاد بين دول مثل ألمانيا المؤيدة بلا شروط لإسرائيل وإيرلندا المؤيدة لوقف النار يهدد الأمن الداخلي عبر تصاعد معاداة السامية والإسلاموفوبيا واحتمال استغلال روسيا هذا الشرخ لصالحها في أوكرانيا.
يحلل توماس دي وال الموقف في جنوب القوقاز، حيث ترتبط أذربيجان بعلاقات وثيقة مع إسرائيل في الطاقة والسلاح رغم انتمائها لغالبية مسلمة، فيما تتهم أرمينيا إسرائيل بدعم باكو في استعادتها ناغورنو كاراباخ. ويحذر من أن استمرار الحرب قد يضعف التحالف الأذري–التركي بسبب التباين تجاه إسرائيل.
يشرح ألكسندر جابويف أن الحرب أثرت على دعم الغرب لأوكرانيا، إذ تراجعت إمدادات الذخيرة وتحوّل جزء من الاهتمام السياسي والعسكري الأميركي والأوروبي إلى غزة، وهو ما تستفيد منه روسيا.
تستعرض جين مونجا وزينب عثمان المواقف الأفريقية، حيث صوّتت أغلبية الدول الأفريقية في الأمم المتحدة لصالح هدنة إنسانية، بينما انقسمت بين دعم علني للفلسطينيين أو تبنّي لغة دبلوماسية حذرة. تميزت جنوب أفريقيا بمواقف قوية ضد إسرائيل، فيما أيّدت كينيا وغانا حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها.
يرى مارك بيريني أن أحداث غزة قد تغذي مشاعر معاداة المهاجرين في أوروبا، خاصة مع استغلال اليمين المتطرف المخاوف المرتبطة بالصراع لتأجيج الكراهية ضد العرب والمسلمين.
يوضح أوليفر شتويكل أن البرازيل، برئاسة لولا دا سيلفا، تسعى لدور دولي أكبر وتتبنى خطاباً متوازنًا؛ إذ أدانت هجمات حماس ووصفتها بالإرهاب، لكنها انتقدت شدة الرد الإسرائيلي.
يتناول ميلان فايشناف تأثير الحرب على الانقسام الداخلي في الهند، حيث تميل حكومة مودي إلى إسرائيل لأسباب استراتيجية وأيديولوجية، في مقابل تعاطف المعارضة وجزء من الرأي العام مع الفلسطينيين.
يشرح جيك والاس أن الصراع عمّق الانقسام داخل الحزب الديمقراطي الأميركي بين مؤيدين لإسرائيل وتيارات تقدمية مؤيدة لوقف إطلاق النار، ما قد يؤثر على فرص بايدن الانتخابية، خصوصاً في ولايات تضم جاليات عربية كبيرة.
ترى سارة يركس أن تغيير جوهري في موقف واشنطن غير مرجح، بسبب اعتبارات انتخابية، ووجود رهائن أميركيين، والتحالف التاريخي مع إسرائيل، رغم زيادة التركيز على حماية المدنيين.
يحلل ريتشارد يونجز أثر الحرب على الديمقراطيات الغربية، إذ غذّت الانقسامات السياسية القائمة لكنها ليست المصدر الأساسي لصعود الشعبوية، فيما تلتزم المواقف الوسطية بإدانة العنف من الطرفين.
وأخيراً، يوضح تونج تشاو أن الصين ستواصل تعزيز نفوذها الاقتصادي في الشرق الأوسط مع البقاء على الحياد العلني، مستفيدة من تراجع صورة الولايات المتحدة، وقد تسعى للتعاون مع واشنطن إذا توفرت إرادة مشتركة لدفع حل الدولتين.
https://carnegieendowment.org/posts/2023/11/the-gaza-war-and-the-rest-of-the-world?lang=en¢er=middle-east